تولد الأنثى بفطرة أنثوية كاملة وتبدأ معالم هذه الأنوثة بالظهور منذ السنوات الأولى فترى الفتاة تميل لكل ما فيه حب واحتواء فتحتضن لعبتها الصغيرة وتعتني بها، تطلب من أبيها برقة ودلع فيستجيب لها في الغالب بكل سرور، تملأ البيت بالفرح والبهجة، تحب تقليد أمها بالفساتين وطلاء الأظافر والإكسسوارات، وفي هذه المرحلة المبكرة تكون الفتاة صورتها الأولى عن الرجل من خلال شخصية أبيها وعلاقتها به وكذلك تصورها لشكل العلاقة بين الذكر والأنثى من خلال علاقة والديها.
الأنوثة في مرحلة البلوغ
تعد مرحلة البلوغ مرحلة حساسة في حياة الأنثى، فتلك الصغيرة التي كانت تقفز وتلعب وتلبس ما تريد دون قيود أصبحت فتاة بالغة بدأت تظهر عليها معالم الأنوثة الجسدية بوضوح كالدورة الشهرية والأعضاء الأنثوية، وهنا يبدأ تكون الصورة الذهنية للأنوثة في ذهن الفتاة ويتداخل في تشكيلها الكثير من العوامل التربوية والاجتماعية، كأن يُفرض على الفتاة طريقة لباس محددة بدعوى أنّ جسدها جوهرة ثمينة لا يراها إلا زوجها المستقبلي وأسلوب محدد في الحركة والحديث أو أن الدورة الشهرية حدث مخجل يجب ألا يلاحظه أحد، أو توصيتها بالحذر من أقرانها الذكور والحد من الاختلاط بهم. تشكل كل هذه التغيرات صدمة للفتاة تشعرها بالانفصال عن جسدها وضرورة الحذر من الجنس الآخر كأنّهم كائنات مخيفة مؤذية والصالح منهم سيكون زوجاً لها في المستقبل ويفوز بتلك الجوهرة والتي هي جسدها.
الأنوثة في مرحلة النضج
مع أول علاقة عاطفية تعيشها تلك الفتاة التي كبرت وأصبحت شابة ناضجة تبدأ كل تلك المعتقدات والمخاوف التي زُرعت في شخصيتها بالظهور في علاقتها مع الشريك والتي تأخذ أحد الأشكال التالية:
1-علاقة ندية مليئة بالخوف والمشاكل:
فالصور الذهنية السلبية التي تسربت إلى عقل الفتاة من قصص المحيطين بها أو المسلسلات والأفلام عن الرجل الخائن أو القاسي أو عديم المسؤولية جعلتها بحالة خوف دائم يناقض الفطرة الأنثوية المليئة بالرحمة والسلام والحب، وفي الغالب يكون أسلوب التواصل بينهما قائم على تبادل الاتهامات والتصعيد ليصل إلى العقاب بالصمت والامتناع عن التواصل الحميمي كردة فعل متوقعة من أنثى تربت على أنّ جسدها عطية تقدمها للرجل وتمنعها عنه في حال الخلاف ولم تدرك يوماً أنّ العلاقة الجسدية حق لها لأنّها علاقة فزيولوجية فطرية تسعد الطرفين.
في بعض الحالات تتبنى المرأة بعض الأفكار النسوية المتطرفة كردة فعل لكل ما زُرع داخلها من شعور بالعار والخوف من الرجل، فتلجأ لإقصائه تماماً ونكران أهمية وجوده ودوره في حياتها.
2-علاقة تأخذ فيها الأنثى دور العبد المطيع
فتعيش مع زوجها فقط لتلبية رغباته وتربية أولاده دون أي تقدير لأنوثتها أو معرفة بحقوقها الجسدية أو الاجتماعية.
3-علاقة تأخذ فيها الأنثى دور الأم أكثر من الزوجة:
أحياناً بسبب العاطفة المفرطة لدى الأنثى وتقديسها لدور وصورة الأم قد تنسى أنّ دورها في الزواج هو المشاركة وليس الإشراف أو التوجيه، فالانتقال من دور الشريكة إلى دور الأم سيفقدها جاذبيتها في نظر الرجل وسيؤدي إلى خلل في التواصل وزيادة التوتر والضغط في العلاقة وبالتالي ابتعاد الرجل عنها بالرغم من اهتمامها المبالغ به دون أن تدرك أنّ هذه المبالغة كانت هي سبب النفور.
التصالح مع الأنوثة
عندما تتصالح المرأة مع أنوثتها وتؤمن بأهمية وجود الرجل في حياتها وتتقبّل ذلك ستجد بالتأكيد الشخص المناسب لتعيش معه علاقة صحية وسعيدة. تقبلي فكرة احتياجك للرجل وعبري له صراحة عن شعورك بالأمان بوجوده. اختاري الوقت المناسب لتعبّري له عن انزعاجك من أخطائه بحقك دون الانجراف لدور الأمومة وانتقاد حياته الشخصية.
في البداية قد ترفضين فكرة التغيير أو تجدينها صعبة التطبيق، اصطنعي العقلية والتصرفات الأنثوية حتى تتقنيها وتصبح جزءاً من شخصيتك، ومع الالتزام ستلاحظين أنّ علاقتك العاطفية بالشريك أصبحت مليئة بالهدوء والسلام والرحمة.
بالتمعن في كلمة الرحمة نجد أنّها مشتقة من الرحم وهو رمز الصلة والخلق في كيان الأنثى، وبالتالي ستمنعك هذه الصفة الأنثوية الخالصة من ممارسة أي شكل من أشكال القطيعة من الشريك سواء العقاب بالصمت أو الامتناع عن التواصل الجسدي.
في الحياة العاطفية تجنبي المبادرة لحل مشاكل شريكك أو تقديم النصائح له في حال لم يطلب ذلك، ففي هذا الجانب على وجه الخصوص كل ما يريده الرجل أنثى رقيقة متفهمة داعمة له بمشاعرها واحتوائها وهو بدوره يستمد سعادته من تقديرها وحاجتها له وقدرته على حمايتها، فيشعر أنه البطل وتزداد ثقته بنفسه وقدرته على العطاء وهذا يولد عنده رغبة في الالتزام أكثر وبالتالي استقرار العلاقة وسعادة الطرفين.
في الختام
الأنوثة فطرة طبيعية داخل كل امرأة ولا تحتاج لمجهود لاكتسابها وإتقانها بل على العكس هي طاقة صفاء وسكون واستقبال يمكن أن تستعيد حضورها القوي في شخصية المرأة عندما تقلل من لعب أدوار وتحمل مسؤوليات تجعل أنوثتها تائهة في زحام من الأعباء النفسية التي فرضتها على نفسها متأثرة بمفاهيم قاصرة تحصر جمال المرأة بشكلها الخارجي وقيمتها بإنجازاتها الكثيرة.
Leave A Comment