يعد الزواج من العلامات الفارقة في حياة الإنسان والقادرة على تغيير حياته جذرياً، فهو قادر على إثرائها وجعلك سعيداً مكللاً بالرضا، لكنه بذات الوقت قد يكون سبباً للكثير من الألم إذا لم تكن مستعداً له أو لم يكن اختيارك صحيحاً. بمجرد أن يتذوق الإنسان حلاوة مشاعر الحب تنشأ بداخله رغبة كبيرة واندفاع للانتماء لهذا الشخص ومشاركته الحياة بكل تفاصيلها ولكن هل تكفي هذه المشاعر لاتخاذ قرار الزواج؟
هناك بعض العلامات التي تدل على أنك لست مستعداً للزواج مهما كانت عاطفتك قوية تجاه الشريك وهي:
1–فترة التعارف القصيرة:
عندما تعجب بشخص ما وتبدأ في التعارف عليه ستمر في البداية بمرحلة افتتان، مرحلة جديدة مليئة بالمشاعر اللطيفة فتراه خالياً من العيوب، تشعر أنك تحبه جداً ولا تتحمل بعده ولا يمكنك التوقف عن التفكير به فتظن أن هذا هو الحب وأن هذا هو الشخص المناسب للزواج.
في الواقع ليس بالضروري أن يكون ذلك صحيحاً فبعد مرحلة الافتتان والتي يمكن أن تستمر من ستة أشهر إلى سنة تأخذ العلاقة أحد المسارين:
في حال كان اختيارك صحيحاً سيكون التوافق واضحاً بينكما وسيزداد مع مرور الأيام حتى الخلافات – وهي شيء ضروري وصحي في العلاقة – سيتم حلها بطريقة واعية متوازنة تناسب الطرفين وتزيد من قوة العلاقة ولذلك ستستمر العلاقة بشكل إيجابي وتتطور المشاعر من مجرد إعجاب وافتتان إلى حب حقيقي واطمئنان ورغبة حقيقية بإكمال الحياة مع هذا الشخص.
والاحتمال الآخر أن تبدأ في ملاحظة عيوب هذا الشخص وتفكر بمدى التوافق بينكما في المستقبل وتعيد النظر بقرارك، ولذلك يفضل ألا تقل فترة التعارف عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة.
2-الشعور بالخوف والتردد من مشاركة أسرارك:
إنّ سعيك المستمر لتبدو بصورة مثالية أمام الشريك هو أمر مرهق لا يتوافق مع الحياة الزوجية الواقعية، والخوف من إخباره عن خطأ ارتكبته أو تجربة فاشلة مررت بها يعني أن العلاقة بينكما غير صحية يملؤها الخوف وإطلاق الأحكام وفي هذه الحالة يجب التفكير جيداً قبل اتخاذ خطوة الزواج. فما فائدة الزواج من شخص إذا لم تشعر بالأمان والراحة عند مصارحته بأي شيء.
استحقاقك للحب لا علاقة له بكونك مثالياً أو مثقلاً بأخطاء وتجارب الماضي. لأن الحب الحقيقي سيجعلك مثالياً بنظر الشريك المناسب كما أنت بكل مميزاتك وعيوبك.
3-حل المشاكل بطريقة خاطئة:
حدوث المشاكل ضمن الحد المقبول يعد أمراً طبيعياً ودليلاً على حيوية العلاقة خاصة إذا ما حُلَّت بطريقة متوازنة تناسب الطرفين. يبدأ الخطأ عندما يتخذ أحد الشريكين سلوكاً متطرفاً سواء فرض وجهة نظره أو انسحاب وموافقة على كل شيء تجنباً لتفاقم الوضع. في الزواج من الضروري أن يمتلك الشريكين ذكاءً عاطفياً ومهارات تواصل تساعدهما على إيجاد حل يرضي الطرفين أو على الأقل فهم وجهة نظر الآخر ومراعاتها قدر الإمكان.
4-الاختلاف الكبير في القيم والمبادئ:
بعد مضي الفترة الأولى للتعارف تبدأ المواضيع الهامة تأخذ مساحة هامة من الحوار خاصة عندما تتجه العلاقة نحو الارتباط الرسمي. من الضروري مناقشة الأمور الحساسة مع الشريك كالعمل وتقاسم المسؤوليات وطريقة التعامل مع المال من حيث الإنفاق والادخار وكذلك موضوع الإنجاب من حيث التوقيت والمبادئ الأساسية في التربية.
لا يمكن بناء أسرة فقط على مشاعر الحب والإعجاب، والاتفاق على الأمور السابقة من أساسيات الزواج الناجح لأنها تعكس قيم ومبادئ الشخص العميقة. من الطبيعي وجود اختلافات بسيطة بين الطرفين أما الاختلافات الجذرية تؤدي إلى مشاكل كبيرة وتشتت الأسرة بين اتجاهين فكريين مختلفين كلياً.
5-عدم الاستقرار المالي:
الاستقرار المالي من أساسيات الزواج الناجح ليس فقط من أجل تلبية متطلبات الحياة اليومية ولكن لما له من دلالة أعمق لأنه يعكس إتقان الشخص لعمله مع احتمالية كبيرة للتطور أي بمعنى آخر هو دليل على نضج الشخص وتحمله للمسؤولية. إذا لم تصل لهذه المرحلة فلا تتسرع باتخاذ قرار الزواج فهو خطوة مصيرية ستكون مسؤولاً فيها عن منزل وأسرة بكافة متطلباتها.
الزواج في بدايته هو مرحلة تأسيس لحياة جديدة وفي هذه المرحلة يكون الزوجين بأمس الحاجة إلى شعور الأمان والاستقرار وخاصة في الجانب المادي لما له من انعكاس مباشر على الحياة اليومية ومتطلباتها، بالإضافة إلى تأثيره المباشر على قرار حساس كالإنجاب، ففي ظروف مادية غير مستقرة قد يؤجل الزوجين الإنجاب بالرغم من رغبتهما بذلك، أو يحدث الحمل ويزيد معه التوتر والقلق من المستقبل.
6-اتخاذ القرار بناءً على ضغوط من العائلة أو المجتمع:
في مرحلة عمرية_ غالباً في نهاية العشرينات_ يواجه الشاب أو الفتاة ضغوطاً كبيرة من العائلة أو المجتمع فيما يخص الزواج من خلال أسئلتهم المتكررة والتشجيع على هذه الخطوة بطريقة مبالغ بها قد تدفع بالشخص للتسرع والزواج من شخص غير مناسب.
كانت هذه أبرز العلامات ويمكن أن نضيف لها وجود صورة ذهنية سلبية عن الزواج بسبب تجارب سلبية أشخاص آخرين وكذلك اعتياد الشخص على الاستقلالية وافتقاره للمرونة أي عدم استعداده لتقديم التنازلات أو تغيير نمط حياته بما يلائم الحياة الزوجية المشتركة. باختصار يتطلب اتخاذ قرار الزواج تقييماً صادقاً للنفس وللشريك ومدى التوافق بينكما، فالنضج والاختيار الصحيح يضمن لك حياة زوجية مستقرة مليئة بالمودة والرحمة مدى الحياة.
Leave A Comment