لا شك أنّك تعرف هذا النمط من العلاقات سواء اختبرته بنفسك أم رأيته كمثال، يمكنك من نظرة سريعة أو حديث بسيط أن تدرك مدى الارتياح والانسجام بين شريكين. في الحقيقة الأمر سهل ممتنع وهذا النوع من العلاقات له سمات محددة يغلب عليها طابع اليسر والسهولة. بالطبع هذا لا ينفي وجود فترات صعبة ومشاكل في بعض الأحيان ولكن بشكل عام هناك سر ما في تعاطي الشريكين مع بعضهما يجعل علاقتهما اقوى وأعمق بعد اي مشكلة.
تعريف العلاقة الصحية
يمكن وصفها بالعلاقة المرنة الواضحة وكأنَّها نهر عذب يتدفق بانسيابية ليروي حياة الشريكين بالحب والود. علاقة عنوانها الدعم وتحمل المسؤولية والتفاهم والسبب الرئيسي لذلك هو رغبة الطرفين بأن تكون العلاقة هي مصدر سعادتهما المشتركة والأساس القوي الذي يساعدهما ليكونا أكثر نجاحاً في الحياة.
وهذه الحالة لا علاقة لها بطول مدة الارتباط، فكثيراً ما نرى أمثلة عن علاقات أشبه بالنزاعات طويلة الأمد ترى فيها الطرفين عالقين بنفس الجدالات العقيمة منذ سنين دون التوصل لأي حل فكل طرف يأخذ موقفاً دفاعياً ويوجه الاتهام للآخر، علاقات مليئة باللوم والتهرب من المسؤولية حتى أصبحت مصدراً للإزعاج والقلق، والاستمرار بها هو أشبه بمهمة عمل جافة يجب تأديتها مع شعور عام بالإرهاق والاستنزاف العاطفي يمنع الطرفين من تحقيق أي تطور في حياتهما، ويعود السبب الرئيسي لهذه الحالة إلى الاختلاف الكبير في الشخصيات والقيم ووجود رواسب ومشكلات نفسية قديمة لم يتم التعامل معها بشكل صحيح بالإضافة إلى الافتقار إلى مهارات التواصل الفعال.
علامات العلاقة الصحية
1-المعرفة العميقة بالشريك:
أي أن يكون الشريكان على دراية حقيقية وشاملة ببعضهما بدءاً من الأشياء البسيطة كالهوايات والتفضيلات في الطعام والبرامج والأماكن وصولاً للأمور الأعمق كالقيم الشخصية ونقاط الضعف والمخاوف والأهداف المستقبلية، ومما يميز العلاقة الصحية أن هذه المعرفة لا تقلل من حالة الفضول والاهتمام بين الشريكين، فرحلة التعارف بينهما لا تنتهي مع الزواج وإنما تستمر كرحلة ممتعة من التواصل الفعال والحوار الصحيح.
يمكن تعزيز التواصل الفعال أيضاً بين الحين والآخر من خلال طرح أسئلة جديدة على الشريك تفتح الباب لنقاشات جديدة تسلط الضوء على جوانب إيجابية في علاقتكما، وبالتالي تقويها أو تلفت النظر لبعض الأمور التي تحتاج إلى تحسين ويمكن أن تكون بطاقاتنا الخيار الأمثل لك في هذه التجربة.
2-تعزيز حالة الحب والإعجاب:
من خلال التعبير الواضح عن ذلك بين الحين والآخر دون المبالغة فجذر المبالغة هو الخوف وهي لن تحمي من خطر الخذلان. بشكل عام تنشأ مشاعر الإنسان من أفكاره ولذلك من علامات الذكاء العاطفي التركيز على إيجابيات الشريك وبالتالي بناء صورة ذهنية إيجابية تجعل كفة ميزان المشاعر تميل إلى الحب والاعجاب أكثر من التذمر أو الغضب، وعندما يشعر شريكك بأنّه محبوب ومُقدَّر سيسعى لتقديم أفضل ما عنده في العلاقة.
3-بناء رصيد عاطفي:
تحيا العلاقة الصحية وتزدهر من خلال التفاصيل اليومية البسيطة التي تعكس الاهتمام المتبادل، ويبني من خلالها الشريكان رصيداً عاطفياً قوياً ينقذ العلاقة عندما لا تكون بأفضل حالاتها، وكلما ارتفع هذا الرصيد زادت قدرة الشريكين على تحمل أخطاء بعضهما والغفران والتسامح.
4-حل المشاكل بطريقة مناسبة:
هناك نوعان من المشاكل في العلاقات العاطفية: عادية قصيرة المدى يمكن حلها بسهولة وأخرى أكثر تعقيداً، بالنسبة للمشاكل العادية يمكن التعامل معها بالخطوات التالية:
-تجنُّب الكتمان أو التجاهل، يمكنك طرح المشكلة بطريقة لطيفة تصف فيها ما يحدث بوضوح وبعيداً عن الأحكام أو الانتقادات أو الاتهامات.
-تجنّب العقاب بالصمت، بادر للصلح واستقبل أي محاولات من شريكك لتقليل التوتر وتخفيف الأجواء السلبية كالاعتذار مثلاً أو التعبير عن المشاعر، يمكنك طلب فترة مؤقتة تكون فيها لوحدك لتهدئة نفسك والتخفيف من حدة الانفعال.
-تقبُّل عيوب الشريك والتركيز على إيجابياته لتتمكن من المسامحة وإصلاح الأمر.
-تساعد الخطوات السابقة على خلق جو إيجابي تمهيداً لإيجاد حل يناسب الطرفين.
أما المشاكل المزمنة الأكثر تعقيداً فهي إشارة إلى وجود أفكار أو رغبات لم يتم التعبير عنها بشكل صحيح أو تقبلها من الطرف الآخر بسبب غياب التواصل الفعال بين الشريكين، والحل يبدأ من الحوار الصحيح الذي يعبر فيه كل طرف عن رغباته دون قيود بينما يستمع له الطرف الآخر ويدعمه لتحقيقها.
5-الثقة:
لها وجهان في العلاقة الصحية أولهما الثقة في حب الشريك والشعور بالأمان التام تجاهه، وهذا كاف ليبعد الكثير من المشاكل الشائعة كالقلق والشك وغيرها. وهناك أيضاً الثقة التي يكتسبها الشخص بنفسه بسبب دعم ومساندة الشريك له وشعوره أنّه يحبه ويقدره كما هو.
6-التغيُّر للأفضل:
التغيير من الآثار العميقة للحب، عندما تنظر للمرآة وترى نفسك أكثر إشراقاً أو عندما تسمع إطراءات ممن حولك أكثر من السابق فاعلم أنّك في علاقة صحية. الحب الحقيقي والصحيح قادر على إحداث تغيير جذري في حياة الشريكين. قد تلاحظ تغييرات واضحة في شخصيتك وأفكارك وتظهر آثارها بشكل جلي من خلال نتائج إيجابية وتطورات لم تكن تعتقد أنّك ستتمكن من تحقيقها يوماً.
7-الاستمتاع بقضاء الوقت معاً:
عندما تقوم بنشاط ما مع العائلة أو الأصدقاء وتتمنى وجود الشريك إلى جانبك لتكون سعيداً أكثر فتأكد أنّك بعلاقة صحية. بالإضافة إلى اللحظات الحميمة، يحرص الشريكان في العلاقة الصحية على قضاء أكبر كم من الأوقات الطيبة مع بعضهما وممارسة أنشطة تضيف نوعاً من البهجة والمرح لروتين الحياة اليومية.
في الختام
لا توجد صورة واحدة للعلاقة الصحية أو قائمة ثابتة بالتصرفات المثالية مع الشريك ولكن العلامات السابقة يمكن أن تكون الأعمدة الأساسية لبناء علاقة صحية قائمة على الحب والاحترام. تذكر أنّ جودة العلاقة أهم من وجودها فقط كواجهة اجتماعية في حياة الإنسان، ومع تزايد الوعي والاطلاع في السنوات الأخيرة أصبح من واجب كل اثنين أن يسعيا بكل الطرق لتكون علاقتهما صحية وسعيدة ذات أثر إيجابي على حياتهما.
Leave A Comment