تؤثر الصحة النفسية بشكل كبير على حياة الإنسان العاطفية ويمكن القول أنّها سببٌ ونتيجة لحياة عاطفية سعيدة ولكن في الواقع يعاني أغلب الناس من مشاكل نفسية تؤثر على سلوكهم وتؤدي إلى مشاكل حقيقية في التواصل، وهذا ينعكس بشكل مباشر على حياتهم الاجتماعية وبالأخص العلاقة العاطفية مع شريك الحياة.

من أبرز هذه الاضطرابات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD ، وهو حالة شائعة من أعراضها صعوبة في التركيز والتشتت مع تقلبات مزاجية وفرط حركة والميل للتصرف باندفاع وغيرها الكثير. تؤثر هذه الأعراض سلباً على الصحة النفسية والجسدية والحياة الاجتماعية والعاطفية ما لم يتم تشخيصها وعلاجها بالطريقة الصحيحة.

في المقابل هناك إيجابيات لهذه الحالة كقدرة الأشخاص على التركيز المفرط على الأشياء التي يحبونها، وهذا يجعلهم على دراية كبيرة بموضوعات معينة مع قدرات إبداعية عالية في المجالات التي يشعرون بالتحفيز والشغف تجاهها.

أعراض ADHD تؤثر سلباً على علاقتك العاطفية:

1_مشاكل في التواصل:

أهمها التشتت وضعف التركيز لذلك تكون معظم المحادثات غير مثمرة ومليئة بالمقاطعات، فيشعر الشريك بالاستياء وقلة الاهتمام بما يقوله، ويشعر الشخص المصاب بالاضطراب بإساءة فهم شريكه له بشكل دائم لعدم قدرته على توضيح أفكاره ومشاعره كما يجب.

تتأثر أيضاً العلاقة الحميمة، فالتشتت وضعف التركيز يضعف التفاعل بين الشريكين ويؤدي إلى صعوبة في تحقيق الإشباع الجنسي. 

2_النسيان وضعف القدرة على التنظيم:

 النسيان في ADHD

يؤثر هذا العرض بشكل كبير على حياة المصاب بدءاً من التفاصيل اليومية البسيطة وصولاً للأهداف الكبيرة ويعيقه عن إتمام واجباته وتحقيق تقدم في حياته، وينعكس تأثيره بشكل تلقائي على الشريك فيشعر بالتعب والإرهاق لكثرة المسؤوليات على عاتقه تعويضاً لتقصير الطرف الآخر .

3_الاندفاع:

يؤدي إلى التسرع في الأقوال وجرح مشاعر الطرف الآخر أو الاندفاع في اتخاذ قرارات خاطئة بشكل فردي دون التفكير بالعواقب. على سبيل المثال الاندفاع لشراء أشياء لا تتناسب مع ميزانية الشريكين وبالتالي تراكم الديون وعدم القدرة على تلبية المتطلبات المادية الضرورية لحياتهما.

4_التقلبات المزاجية وصعوبة التحكم في الانفعالات:

هو شكل آخر لفرط الحركة ولكن على المستوى النفسي، خاصة في المواقف الضاغطة فقد يبدي الشخص غضباً مبالغاً عند أي مشكلة مما يعيق الحوار مع شريكه. ومع مرور الزمن تتراكم المشكلات دون حل لأنّ هذه الانفعالات تخلق شعوراً بالترقب والحذر الدائم عند الشريك فيفضّل تجنب أي نقاش قد يؤدي لردة فعل مبالغ بها.

 

نتائج تأثير ADHD على العلاقة العاطفية:

مشاكل بسبب ADHD

بالنسبة للشخص الذي يعاني من الاضطراب:

تؤدي أعراض الاضطراب وخاصة نقص الانتباه إلى مشكلات كثيرة في التواصل بالإضافة إلى تقصير في إتمام الواجبات الحياتية اليومية، مما قد يعرض الشخص للانتقاد المستمر وإساءة الفهم والأحكام السلبية وهذا يؤدي به إلى نتيجتين سلبيتين إما أن يتخذ حالة دفاعية تصادمية مع الشريك أو أن يتجنبه قدر الامكان.

بالنسبة لشريك الشخص المصاب ب ADHD:

يخيم عليه الاستياء والغضب بسبب شعوره بالإهمال وكثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقه تعويضاً لتقصير الطرف الآخر، وقد يؤدي هذا الخلل في أداء الواجبات إلى تحول العلاقة لشكل أبوي يسيطر عليه الانتقاد والتوجيه. 

كيف يمكن الحد من المشكلة

 الحد من مشكلة ADHD

إنَّ عدم فهم الشريكين لحقيقة المشكلة يجعلهما بحالة مستمرة من المشاعر السلبية، ولتصحيح مسار العلاقة لا بد من اتباع الخطوات التالية:

بالنسبة لشريك الشخص المصاب ب ADHD:

– تثقيف النفس والبحث عن المعلومات الصحيحة: ينتج شعور الغضب والاستياء بشكل أساسي من أخذ الأمور على محمل شخصي، ولكن مع الوعي بماهية الاضطراب وأعراضه ستدرك أنّ الأمر غير مقصود وستصبح أكثر هدوءاً وتقبلاً ورغبة بمساعدة شريكك. لتتجنب المشاعر السلبية حاول أن تركز على السبب وراء الفعل أكثر من الفعل بحد ذاته. على سبيل المثال، عندما يفقد شريكك تركيزه أثناء الاستماع لك ركز على فكرة أنّ هذا من أعراض الاضطراب وليس قلة اهتمام بك. فليكن دورك داعماً واحرص ألا تنساق لاتخاذ الدور الأبوي الذي يصعب إرضاءه وينتقد باستمرار.

بالنسبة للشخص الذي يعاني من الاضطراب:

 تقبّل حقيقة أنّ الأعراض تؤثر سلباً على علاقتك مع الشريك وأنّه لا يبالغ عندما بشعر بالاستياء أو التعب أو الإهمال.

-ابحث عن خيارات علاجية تناسب نوعية الأعراض وحدتها كالعلاج النفسي أو العلاجات السلوكية المعرفية التي تساعدك لاكتساب مهارات جديدة تستطيع من خلالها إدارة الأعراض والتخفيف من تأثيرها على حياتك اليومية قدر الإمكان. يفيد التأمل كثيراً في ضبط الانفعالات وزيادة القدرة على التركيز.

-تعزيز التواصل الفعال مع الشريك وجهاً لوجه قدر الإمكان، فالتواصل الحي فيه الكثير من التفاصيل التي يمكن أن تشعر شريكك بالاهتمام غير الكلام، كالتواصل البصري ونبرة الصوت والتقارب الجسدي والاستماع الجيد دون مقاطعات.

 

تختلف حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من شخص لآخر، وليس من الضروري أن يعاني الشخص من جميع الأعراض المذكورة سابقاً. كما أنّ التشتت وصعوبات التركيز يمكن أن تكون عوارض نفسية مؤقتة في بعض الحالات، ولكن استمرارها لفترة طويلة مع تراجع واضح للشخص في عدة جوانب من حياته يستدعي التشخيص واختيار الطريقة المناسبة للحد من تأثير هذه الأعراض، وبالتالي يمكنه أن يعيش حياة عاطفية سعيدة ومستقرة طالما أنّه مدرك لأعراض الاضطراب ويسعى لاكتساب مهارات تحد من تأثيرها السلبي بالإضافة إلى وجود شريك داعم ومتفهّم.