تعريف العقاب بالصمت
العقاب بالصمت هو نمط من الإساءة العاطفية وأسلوب شديد التطرف يظهر فيه الشخص استياءه من الطرف الآخر من خلال الامتناع عن التواصل معه لفظياً أو حتى بصرياً. يُستَخدم الصمت والتجاهل كثيراً في العلاقات الأسرية من الأبوين لأولادهما أو بينهما كزوجين كوسيلة عقابية لتصحيح سلوك سيء. وتعبر هذه الطريقة عن ضعف مهارة التواصل الاجتماعي وانخفاض الذكاء العاطفي لدى الشخص بسبب تعرّضه لهذا النوع من المعاملة سواء في الطفولة من قبل الأبوين أو خلال علاقة سابقة، وهنا يجب التنويه إلى خطورة اتباع هذا الأسلوب مع الأطفال لأنّ الطفل غير قادر على تفسير الموقف أو معرفة سبب التجاهل مما يسبب له صدمة نفسية كبيرة واضطراب في الشخصية.
الصمت العادي والإهمال
الصمت العادي هو حالة صحية وضرورية عند حدوث أي سوء تفاهم أو جدال محتدم، وهو بمثابة هدنة يتخذها أحد الطرفين أو كلاهما لثلا تتفاقم الأمور مع الاعتراف صراحةً أو ضمنياً أنّها فترة مؤقتة وسيعودان لاحقاً لمناقشة الأمر وإيجاد حل مناسب.
أما الإهمال فهو حالة مزمنة من الصمت والتجاهل وعدم التقدير ويأتي بشكل تدريجي دون سبب واضح، كما أنّ الشخص المهمل يتجاهل شريكه حتى في أوقات الفرح واللحظات الجميلة وفي هذه الحالة غالباً ما تنتهي العلاقة بالانفصال مع مرور الزمن وزيادة الفجوة والجفاء بين الشريكين.
علامات العقاب بالصمت
قد يصعب التفريق أحياناً بين الصمت العادي والعقاب بالصمت ولكن هناك عدة دلالات تميز هذا السلوك المؤذي عن غيره وهي:
_ يستخدم الشخص العقاب بالصمت بشكل مفاجئ كردة فعل على موقف سلبي من شريكه.
_ التجاهل الواضح والمقصود لفظياً وبصرياً وسمعياً للطرف الآخر.
_ استمرار القطيعة لأيام وأحياناً أسابيع مع رفض وتجاهل أي محاولة تواصل من الطرف الآخر.
_ التصرف بشكل طبيعي مع الآخرين والتفاعل معهم باستثناء الشخص المقصود بالتجاهل.
مخاطر العقاب بالصمت
ينجم عن هذا السلوك الهدّام مخاطر عدة وتظهر عواقبه بشكل تدريجي:
_ في البداية يحدث شرخ في في العلاقة ويُفقد الأمان منها لتصبح مشحونة بالقلق والتوتر.
_ يشعر الطرف المُعاقب بالغضب والإحباط والكبت لأنّ رغبته بالحديث والتعبير مع أقرب الناس له قوبِلَت بالانسحاب المفاجئ والصمت والتجاهل.
_ مع استمرار القطيعة لمدة أطول يشعر الطرف المُعاقب بالقلق والوحدة وخيبة الأمل لابتعاد شريكه عنه.
_ في حال استمر العقاب بالصمت لوقت طويل يبدأ الإحساس بتدني القيمة الذاتية والتفكير المفرط عند الضحية بشأن ما يجب عليه فعله لإنهاء حالة الصمت، بالإضافة إلى الشعور بتأنيب الضمير حتى لو لم يكن مخطئاً.
_ تكرار هذا السلوك سيؤدي إلى فقدان الحب والقدرة على التواصل وكنتيجة مؤكدة هدم العلاقة.
طريقة التعامل الصحيحة
بالرغم من التأثير السلبي لهذه المشكلة إلا أنّه يمكن تطبيق خطوات فعالة لحلها والتعامل معها بشكل صحيح وهي:
1_المبادرة وكسر حاجز الصمت:
لا تسمح للصمت والجفاء أن يدوم طويلاً، بادر بالتقرب إلى شريكك والاعتذار منه إذا كنت مخطئاً والحديث معه بود بعيداً عن سبب الخلاف، وإذا كنت الشخص الذي يمارس العقاب بالصمت استقبل هذه المبادرة بتواضع وحب واهتمام.
2-الصراحة والوضوح:
يمكنك إخبار الشريك بوضوح أنّ صمته مؤذٍ لك، مع التأكيد على ضرورة إيقاف هذا السلوك للحفاظ على علاقتكما، أما إذا كنت أنت من بدأ بالصمت أخبر شريكك بوضوح في المرات القادمة وقبل أن يتفاقم غضبك أنّك بحاجة لبعض الوقت بمفردك مع التأكيد على العودة لمناقشة الأمر في وقت لاحق.
3-ابقَ هادئاً واستمتع بوقتك:
قد تبدو نصيحة غريبة ولكن التصرف بغضب وعدوانية سيؤدي إلى تفاقم الأمور وضياع حقك، أما بقاؤك هادئاً سيوصل رسالة للطرف المقابل أنّ العقاب بالصمت لا فائدة منه.
4-استمتع بوقتك وتجنَّب العزلة:
قد يستمر شريكك بالصمت لفترة طويلة وليس منطقياً أن تبقى طوال الوقت في معاناة نفسية ومشاعر سلبية، حاول أن تسعد نفسك وتملأ وقتك بأشياء تحبها ومقابلة عائلتك وأصدقائك.
5-اتّخذ قرارات حازمة:
بعد انتهاء الخلاف اختر التوقيت والفرصة المناسبين وأخبر شريكك بكل حب أنّ هذا الأسلوب مؤذٍ وغير مقبول بالنسبة لك في المرات القادمة. وإن تكرر الأمر اطلب المساعدة للحصول على مخرَج آمن من هذه العلاقة السامة. أما اذا كنت الشخص الصامت فاتّخذ قراراً جدياً باستبدال هذا الأسلوب بطرق تواصل جديدة وفعّالة تساعدك في التعبير عن مشاعرك أو أفكارك بطريقة بنّاءة تساهم في تقوية علاقتك بشريكك بدلاً من هدمها بأسلوب العقاب بالصمت.
في الختام
تُبنى العلاقات العاطفية الصحية والناجحة على الحب والاحترام والتواصل الحقيقي بين الشريكين، وقد يعتقد من يمارس العقاب بالصمت أنَّه الأسلوب الافضل لحماية نفسه من التوتر، أو أن يكون متعمداً أذية شريكه، وهو بكلتا الحالتين غير مقبول ويجب اتّخاذ خطوات جدية لإيقافه.
Leave A Comment