تمر أغلب العائلات بمشاكل زوجية كثيرة تهدّد استقرارها، وقد يظن البعض أنّ عدم وجود مشاكل بين الزوجين هو دليل على صحة العلاقة بينهما، ولكن في الواقع لا توجد علاقة زوجية ناجحة بدون خلافات ويحتاج الأمر فقط إلى معرفة طريقة التعامل الصحيحة من قبل الطرفين لحلها وتحويلها إلى نقاط قوة تساهم في زيادة الحب والمودة بدلاً من أن تتحول إلى أزمات وصراعات دائمة، ومن أبرز هذه المشاكل:
1-قلة التواصل:
مشكلة شائعة فالكثير الأزواج يفضلون تجاهل المشكلة بدلاً من الحديث ومحاولة إصلاحها، ويعود السبب الرئيسي لذلك الافتقار لوسائل التواصل الفعال القادرة على تقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل يرضي الطرفين، مثل خلق مساحة مناسبة للحوار واختيار التوقيت المناسب لذلك والإنصات جيداً للطرف الآخر. يبدأ حل هذه المشكلة بأن يصبح كلا الطرفين مستمعاً جيداً للآخر وداعماً ومشجعاً له ليعبّر عن نفسه بوضوح فالتواصل الصحيح أساس أي علاقة ناجحة في الحياة.
2-الافتقار إلى الحميمية:
تتأثّر العلاقة الحميمة بين الزوجين بالكثير من العوامل، فوجود مشاكل صحية جسدية أو نفسية أو حتى مهنية واقتصادية سينعكس سلباً على هذه العلاقة من خلال القلق والتوتر وبالتالي قلة الرغبة والقدرة. وعندها من الضروري مساندة الزوجين لبعضهما في تلك الظروف دون حدوث جفاء أو بعد، فالتواصل الجسدي والإعفاف من أساسيات الزواج ويجب أن يكون أولوية عند كلا الطرفين من خلال فهم متطلبات ورغبات الطرف الآخر والتعبير عنها بوضوح، ولا شك أنّ التفاهم ورضا الطرفين في علاقتهما الحميمية يحد كثيراً من المشاكل الزوجية.
3-وجود فجوة بين الطرفين:
إما بسبب فارق العمر أو قلة الوقت الذي يمضيانه معاً أو بسبب الاختلاف في الاهتمامات والأهداف في الحياة، كلها أشكال لقلة التواصل سيظهر مع الزمن تأثيرها السلبي على العلاقة. من المهم في هذه الحالة إيجاد طرق بديلة للتقارب، على سبيل المثال تخصيص وقت لتمضيته معاً، ومحاولة استكشاف هوايات أو اهتمامات جديدة مشتركة بين الطرفين أو أن يشارك كل طرف الآخر بما يحب القيام به سواء مشاهدة برنامج أو القيام بنشاط معين.
4-الغيرة:
هي أمر طبيعي إلى حد ما بين الأزواج المتحابين، أما الغيرة المرضية هي التي تسبب مشاكل زوجية، وهي مشكلة كبيرة تعود جذورها إلى نقص تقدير الذات ومشاكل تعلّق تعود إلى الطفولة. هناك أيضاً غيرة مهنية قد تنشأ عند الرجال من زوجاتهم الأكثر تفوقاً منهم مهنياً أو مادياً. في هذه الحالة يجب عن الطرف الذي يشعر بالغيرة أن يكون واعياً وألا يسمح لغيرته أن تكون سبباً في تعكير صفو العلاقة الزوجية، وعلى الطرف الآخر أيضاً أن يُشعِر شريكه بالدعم والحب ويؤكد على ذلك بالقول والفعل.
5-تعدّي الحدود:
يظن البعض أنّ الزواج هو انصهار حبيبين ببعضهما، وبسبب هذا التقارب المبالغ به تظهر المشاكل، فيبدأ تجاوز الحدود في المعاملة والرغبة في التحكم والسيطرة على الطرف الآخر. والنساء في الوطن العربي هنّ أكثر من يواجه مشكلة التسلط من قبل أزواجهنّ سواء في العمل أو طريقة اللباس أو حتى إنفاق الأموال. تعد مشكلة التسلط وتعدّي الحدود الشخصية من أبرز المشاكل الزوجية وهي علامة حمراء يجب الوقوف عندها ووضع حدود صحية واضحة في العلاقة، وهنا لا بد من التأكيد على أهمية استقلال المرأة مادياً فعندما تكون قادرة على تلبية احتياجاتها بنفسها ستكون قادرة على صد أي محاولة لتعدّي حدودها أو التحكم بها.
6-الخلافات المالية:
قد يبدو الأمر محرجاً ولكن للأسف لا مفرّ من الخلافات المالية بين الزوجين في بعض الأوقات وهي مشكلة حساسة ينبغي التعامل معها بحذر ووعي، وسببها الرئيسي الظروف الاقتصادية وكثرة الأعباء المادية مع اختلاف وجهات النظر، فبينما يرى أحد الطرفين أنّ الاستثمار في مشروع ما خياراً صائباً، قد يراه الطرف الآخر إسرافاً. وفي بعض الظروف تواجه المرأة العربية صعوبة في مساعدة زوجها مادياً فمن وجهة نظرها وحسب الاعتقاد السائد أنّ الرجل له القوامة ومن أهم صورها القوامة المادية وعندها ستظهر المشاكل في حال رفضت المرأة مساعدة زوجها. على أي حال لا يوجد صواب أو خطأ فكل زوجين هما حالة خاصة وكغيرها من الخلافات الزوجية، الحل هو النقاش والحوار الواعي ووضع خطة مالية تناسب الطرفين وفي الغالب لن تتردد المرأة في دعم زوجها إذا كان رصيده عندها مليء بالحب والأمان والثقة.
7-المقارنة ووسائل التواصل الاجتماعي:
تعد هذه الوسائل الافتراضية من أبرز أسباب قلة التواصل الفعّال على أرض الواقع، فأصبح من المألوف رؤية الأشخاص يجلسون معاً ولكن كلٌّ مستغرقٌ في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي. وقد سببت هذه الظاهرة مزيداً من التباعد الاجتماعي والانعزالية خاصة بين الأزواج لذلك يجب الحد منها واستخدامها بوعي وانتقائية، كما أنّ مظاهر الترف والمثالية الخادعة الموجودة على تلك الوسائل تدفع الإنسان دون أن يشعر للمقارنة بين حياته الواقعية وما يراه، وهذه المقارنة ستترجم إلى تذمّر وقلة رضا وشعور بالنقص وبالتالي مزيداً من المشاكل الزوجية.
في الختام
يمكن للزوجين أن يديرا كل ما سبق من مشاكل زوجية بالحكمة والتفاهم خاصة عندما تكون الأمور في بدايتها من خلال الحوار الصحيح والمرونة والاستعداد للقيام بكل ما يمكن لتجاوز أي مشكلة، مع التنويه إلى ضرورة تحييد الأطفال عن أي خلاف وتجنّب هذه المناقشات أمامهم. ويمكن الاستعانة بمتخصص في الحالات المتفاقمة بحيث يساعد الزوجين على إيجاد أرضية تفاهم مشتركة واكتساب المهارات الضرورية لحل أي مشكلة بينهما.
Leave A Comment