الرجل كما هو معروف، رمز للقوة والثبات وهذه الصورة النمطية مشتركة بين أغلب المجتمعات والثقافات البشرية بنيت على مجموعة من الأفكار والمعتقدات الاجتماعية، ولكن خلف هذا المظهر القوي يحمل الرجل في نفسه مخاوف كثيرة لا يبوح بها.

تؤثر هذه الصورة النمطية سلباً على صحة الرجل النفسية والجسدية لأنها تشكل قيوداً تمنعه من حرية التعبير أو التصرف أو حتى طلب المساعدة، وتحد من التواصل الفعال في علاقته العاطفية مع المرأة، لذلك نرى النساء يشتكين كثيراً من طباع وتصرفات الرجال السلبية دون أن يعلمن أن جذرها الأساسي معاناة داخلية لا يستطيع الرجل البوح لأسباب عديدة اجتماعية وشخصية تجعله يميل للتحفظ والكتمان على عكس المرأة، ولذلك نستعرض فيما يلي أبرز المخاوف عند الرجال:

الخوف من الفشل أو التقصير: 

الفشل من أحد مخاوف الرجل

من أكبر مخاوف الرجل، للأسف في الغالب يتم ربط قيمة الرجل بنجاحه المهني والمادي بنفس الطريقة التي يقيم فيها المجتمع المرأة بناء على جمالها، ولذلك يُتوقع دائماً من الرجال أن يكونوا ناجحين وقادرين على تحمل المسؤوليات.

ولهذا يلازمهم شعور أنهم لا يقومون بما يكفي حتى لو كانت الحقيقة عكس ذلك مما يجعلهم يقسون على أنفسهم لتحقيق المزيد من النجاح وكسب المال أو السلطة. هذا السعي المتواصل وغير المبرر أحياناً نحو المزيد والمزيد يجعل الرجل يصاب الإحباط بسهولة.   

من ناحية أخرى، يعد الاحترام والتقدير من الاحتياجات الأساسية عند الرجل وبقرارة نفسه يخشى أن يكون احترام الناس له فقط بسبب نجاحه أو سلطته أو نفوذه، يفكر دائماً ماذا لو خسرت كل هذا هل سيبقى احترامي وقيمتي كما هي؟

الرجل الحقيقي لا يحب أن يستخدم مكانته أو سلطته لكسب الاحترام وإنما يحب أن يشعر باحترام نابع من شعور الآخر تجاهه بالثقة والتقدير سواء في حياته العاطفية أو العملية. يحب أن تحترم شريكته أفكاره وآراءه ومشاعره وتأخذها بعين الاعتبار لأنها تحبه لا لأنه رب الأسرة والقائم عليها. وعندما لا يحصل الرجل على احترام حقيقي سيلجأ إلى العزلة والهروب.

إن كنت تلاحظين هذه العلامات على شريكك كسرعة الغضب أو الانعزال أو الانهماك في العمل تذكري السبب الأساسي وراءها قبل أن تبدئي باللوم، وكوني خير داعم له من خلال إظهار الحب والاحترام له في أبسط المواقف.

القلق بشأن مظهره وجاذبيته:

القلق بشأن المظهر أحد مخاوف الرجل

جميعنا نعلم الضغط التي تعيشه المرأة لتبدو بمظهر مقبول اجتماعياً، والرجل أيضاُ لديه هذا الصوت الداخلي الناقد لمظهره وخاصة بما يسمى معايير الرجولة الجذابة للنساء كالذقن والعضلات والطول.

ومنه يتفرع قلق يتعلق بالأداء الجنسي فالأمر لا ينتهي بمجرد الإعجاب بفتاة والزواج بها، بالعكس هنا يبتدئ التحدي والقلق عند الرجل وتفكيره بقدرته على إسعاد المرأة التي تخصه.

 

بالإضافة لذلك، يعد التقدم بالسن هاجساً عند الكثير من الرجال، بسبب القلق من تراجع معالم الشباب كالشيب وفقدان الحيوية والأمراض المرافقة كل هذه العوامل التي باعتقادهم تقلل من الجاذبية الذكورية، ولكنهم مع ذلك يكتمون هذه المخاوف ويتظاهرون بعدم الاكتراث، بعكس النساء التي يصرحن بالأمر ويبحثن باستمرار عن حلول وطرق للمحافظة على مظهر شبابي وحيوي.

عبري دائماً لشريكك عن حبك وإعجابك به واهتمامك بتفاصيله، فهو بحاجة أن يسمع منك كلاماً يطمئن مخاوفه ويعزز ثقته بمظهره ورجولته.

الخوف من مسؤولية الأبوة:

نسمع دائماً عن قلق الأم التي تنتظر مولوداً جديداً فهي تعبر عنه بشكل واضح للأهل والأصدقاء وتبدأ في البحث عن المعلومات الصحيحة وسماع تجارب الآخرين ولا تتردد في طلب المساعدة، ولكن ما نجهله أن الكثير من الرجال لديهم نفس الشعور إن لم يكن أكثر، لأن الدور الذي ينتظره كبير من حيث المسؤولية المعنوية والمادية وتأمين احتياجات الطفل والمسؤولية الاجتماعية التي تحتم على الأب أن يكون قدوة صالحة لأبنائه، بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة والروتين اليومي ومخاوف الرجل من عدم القدرة على تحقيق التوازن بين حياته المهنية وواجباته تجاه طفله خاصة أن معظم الرجال يشعرون بعدم الاستعداد ونقص المعرفة حول كيفية التعامل مع الأطفال وتربيتهم.

 

الخوف من إظهار المشاعر:

الخوف من التعبير عن المشاعر

تلقى الرجل منذ الطفولة طريقة تربية خاطئة قائمة على فكرة” أنت قوي” .لم يكن البكاء مقبولاً حتى طريقة لعب الأطفال الذكور كانت خالية من المظاهر العاطفية كالرعاية والاهتمام بعكس ألعاب الإناث، ولذلك نجد الكثير من الرجال يمرون بصعوبات نفسية كبيرة ومع ذلك يفضلون عدم الإفصاح عنها أو طلب المساعدة خوفاً من نظرة المجتمع أو حتى شريكة حياته.     

يرتبط طلب المساعدة عند الرجل بالخجل والشعور أنه ليس قوياً كما يجب، وهذا يؤثر سلباً على صحته النفسية ويتظاهر على شكل اكتئاب وسرعة غضب ويؤثر سلباً على حياته العاطفية والاجتماعية.

إن دورك كأنثى في هذه الناحية كبير، فمن خلال فهمك للغة التي يعبر بها شريكك عن حبه واهتمامه ستتمكنين من خلق تواصل فعال بينكما ونقل العلاقة إلى مستوى عال من المودة والتفاهم. 

 

مما سبق نستنتج أنه الكثير من سلوكيات الرجال المزعجة كالقسوة أو الغضب أو كثرة الانشغال، لا يمكن تغييرها بالنقد وإنما من خلال معرفة المخاوف الدفينة التي سببتها، وتوفير مساحة تواصل وحوار أمنة يشعر فيها الرجل بتقبل لمشاعره وجوانب ضعفه كجزء حقيقي من طبيعته الإنسانية.